كشف النقيب زهير السماط، من إدارة التكوين بوزارة الداخلية التونسية، لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود مقترح لإدراج حصص للتثقيف الديني في مقررات التعليم في مدارس الأمن التونسية. وقال إن المسألة تندرج ضمن برنامج متكامل للتكوين في صفوف قوات الأمن لا يزال تحت الدراسة لدى الهياكل العليا بوزارة الداخلية. ورجح أن يكون البرنامج التكويني الذي ينفذ بشكل سنوي جاهزا نهاية الشهر الحالي، على أن تتم بعد ذلك إجازته بصفة رسمية. وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن المقترح سيعرض على لجنة متعددة الاختصاصات ستتولى تنفيذ البرنامج في كل المدارس إذا تمت إجازته، وهو يندرج على حد قوله ضمن إصلاح المنظومة الأمنية ككل.
وبشأن تفاصيل البرنامج وإن كان أئمة وشيوخ دين قد عبروا منذ الآن عن إلقاء محاضرات للتثقيف الديني، قال سماط إن البرنامج بتفاصيله ليس جاهزا بعد، ولا يمكن الحديث عنه إلا بعد إقراره بصفة نهائية. ولم يستبعد مشاركة شيوخ وعلماء في الشريعة وأصول الدين في هذا البرنامج بشرط توافر عناصر الوسطية والاعتدال. وكان الشيخ السلفي البشير بن حسين قد عبر سابقا عن استعداده لإلقاء محاضرات دينية في صفوف المساجين داخل المؤسسات السجنية التونسية.
واعتبر السماط أن المسألة تتطلب الكثير من الدراسة ومن جميع الجوانب حتى لا يرتبط المقترح بحركة النهضة التي تتولى حكم البلاد حاليا ويذهب بذهابها على حد تعبيره. وقال إن حصص التثقيف الديني قد تمثل حلقة صغيرة من حلقات متواصلة موجهة لإصلاح المنظومة الأمنية سواء على مستوى علاقة الشرطة والأمن مع التونسيين أو كذلك في مجال منظومة التكوين في مدارس الأمن التي ما زالت تتطلب مجموعة من الإصلاحات لتتوافق مع الوضع السياسي الجديد في تونس ما بعد الثورة.
وحول إمكانية معارضة أطراف سياسية لهذه الخطوة التي قد تتعارض مع شعار «الأمن الجمهوري» الذي رفعته نقابات الأمن في أكثر من مناسبة بمعنى الاستقلال عن التجاذبات السياسية، قال السماط إن الأمر وارد خاصة أن أطرافا سياسية أخرى قد لا توافق على ما توافق عليه حركة النهضة حاليا من إصلاحات هيكلية تمس المؤسسات الأمنية.
وأعلن المصدر نفسه أن نقابات قوات الأمن بمختلف فروعها قد طالبت منذ الإطاحة بالنظام السابق بإصلاحات هيكلية في المؤسسات الأمنية حتى تؤدي أدوارا جديدة لم تتعود عليها خلال العقود الماضية. وقال إن ندوة وطنية ستعقد يوم 31 يناير (كانون الثاني) الحالي بتونس العاصمة ستنظر في إصلاح المنظومة الأمنية، وستكون مثل هذه المقترحات من المشاريع المقدمة للنقاش.
وكانت مصادر أمنية من إدارة التكوين بوزارة الداخلية قد صرحت لإحدى الصحف المحلية الأسبوعية في تونس بأن «قيادات عليا في الوزارة أدرجت مادة التثقيف الديني ضمن مقررات التعليم في مدارس الأمن في تونس في إجراء رأى فيه مراقبون خطوة أولى نحو أسلمة جهاز الأمن في البلاد». وقالت إنه من الصالح إلقاء محاضرات تدوم لساعتين في كل مدرسة» أمنية. وأضافت أن «المحاضرات ستلقى عن طريق خطباء وأئمة وأساتذة جامعيين». وقد «لقي (المقترح) قبولا واستحسانا في جميع المدارس» الأمنية. وأرجعت تلك المصادر نفسها أمر إدراج حصص التثقيف الديني في صفوف قوات الأمن التونسية إلى إرادة مشتركة على تأكيد الاعتدال الديني والوسطية بين التونسيين.
وكانت قيادات من وزارة الداخلية قد سمحت بعد الثورة لبعض قوات الشرطة من النساء بارتداء الحجاب، في خطوة اعتبرت سابقة في تاريخ تعامل الوزارة مع مختلف أسلاك الأمن. وقرئ القرار على أساس أنه يدخل في باب احترام الحريات الشخصية خاصة مع وصول التيارات الإسلامية إلى قيادة البلاد.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في السابق عن برنامج كامل لإصلاح المنظومة الأمنية، وسارعت إلى إبعاد عشرات القيادات الأمنية المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان والحريات في عهد النظام السابق. وأدرجت حصصا في مجال حقوق الإنسان ضمن برنامج تكوين أعداد جديدة من الشباب في دورات متتالية ضمن تصور جديد لدور قوات الأمن.